خطبة الجمعة تماشيا لرفع الظلم في البلد وتأدية لأمانة الكلمة أرجو نشرها لتكون خطبة هذا الأسبوع
خطبة الإصلاح في الأرض ورفع الظلم
الخطبة الأولى
بسم الله الرحمن الرحيم
كَلَّا
إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى إِنَّ إِلَى رَبِّكَ
الرُّجْعَى أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى عَبْدًا إِذَا صَلَّى أَرَأَيْتَ
إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى أَرَأَيْتَ إِنْ
كَذَّبَ وَتَوَلَّى أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى كَلَّا لَئِنْ
لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ
فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ كَلَّا لَا تُطِعْهُ
وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ
الحمد لله، صاحب الجلالة والعظمة، المتفرد
بالكبرياء والربوبية، لا ينازع في كبريائه المتعالية، ولا يشارك في عبوديته
الخالصة، سبحانه سبحانه، أرسل رسوله صلى الله عليه وسلم لإرساء دعائم الحق
والعدالة، ورفع الظلم عن البشرية، صلى الله على رسول الله الداعي إلى
تحقيق كرامة الإنسان الفاضلة، وعلى آله وصحبه من رفع راية العدل بين
الإنسانية، والتابعين بإحسان إلى لقاء رب البرية.
سبحان الله ولا إله إلا الله
كلّ ذرة في الكون ناطقة بوجود الله، لا إله إلا هو سبحانه.
فمن الذي رفع السماء بغير عمد لتظل الإنسان وتمده بخيراتها .... أليس الله؟
ومن الذي سطّح الأرض للبشر، يمشون في مناكبها، ويستخرجون أرزاقها ... أليس الله؟
ومن الذي وهب للإنسان نعمة العقل، ليكشف سنن الكون، فيصنع وفقها ما شاء من النعم... أليس الله جل جلاله؟
أبعد هذا يكفر به سبحانه، ويشارك في عبوديته وكبريائه...
كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى
ما أبشع الكبر والغرور، وما أقبح التعالي والفجور...
من
يظن هذا الإنسان نفسه، ليرفع ذاته بسلطان وصل إليه، أو مال حظي به، أو
أولاد يتمتع بهم، فيتعالى على باقي البشر، يأكل خيراتهم، ويسلب أموالهم،
ويستعبد العباد، ويعيث في الأرض الفساد...
ألا أين قوم عاد وثمود، أولي القوة والسلطان
ألا أين فرعون وهامان، أولى الجاه والنفوذ
ألا أين من طغى في أيامنا هذه، أما في أحداث مصر وتونس معتبر؟ وقبلها العراق وبلاد فارس لمن تأمل وتدبر؟
أَلَمْ
تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ الَّتِي لَمْ
يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ
بِالْوَادِ وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ الَّذِينَ طَغَوْا فِي
الْبِلَادِ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ
سَوْطَ عَذَابٍ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ
أيها المسلمون:
في
زمن يتشدق فيه العالم بالعدالة وحرية الإنسان، وينادي بعضهم بالاشتراكية
والدفاع عن حقوق العباد، ورفع الظلم وإحقاق العدل... وإيقاف الدم حفظا لحق
الحياة بين البشر...
ألا أين هذه المبادئ عن واقع اليوم ...
الدماء أريقت...
والنفوس أزهقت...
كم من نساء أيمت...
وكم من أعراض انتهكت...
وكم من أنفس أطفال يتمت....
وكم من بيوت هدمت....
وكم من أموال سلبت...
وكم من نفوس مطمئنة أهينت ....
ألا أين شعارات الدفاع عن حقوق الإنسان
ألا أين المسلمون...
ألا أين الوقوف في وجه الظلم...
ألا أين إحقاق الحق...
أيها المسلمون:
ربكم أنزل إلينا كتابا خالدا، لنقيم العدل بين العباد، ونحكم بالقسط والميزان، ونحسن في توزيع الثروة في البلاد...
كتاب
يحرم عليا الاستعلاء بين البشر، ويعتبر سرقة مال الشعوب جرم لا يغتفر،
يؤدي إلى الطبقية البشعة في المجتمع، ينتج عنها الظلم المادي، والرشوة
الباطلة، وتتفاقم بها الطرق المالية المحرمة كالربا والاحتكار المحرم.
كتاب الله جاء ليحقق كرامة الإنسان...
الإنسان مكرم لذاته ... لا اعتبار للون ولا جنس، ولا مال ولا سلطة...
كل الإنسان على الإنسان حرام ... دمه وماله وعرضه
لا يمس الإنسان في دينه ولا فكره، ولا يسلب منه ماله، ولا يقترب من عرضه،
أَرَأَيْتَ
الَّذِي يَنْهَى عَبْدًا إِذَا صَلَّى أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى
الْهُدَى أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى
أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى
ألا أين تعاليم القرآن من حياتنا وواقعنا؟
ألا أين مبادئ كتاب الله من نظمنا وقوانيننا؟
أنظم البشر أعلى وأرقى من وحي كتاب الله تعالى؟
أشريعة البشر وعقولهم أجل وأكبر من شريعة الله ووحيه؟
أكتاب الله بيننا أغاني نتغنى بها، وأناشيد نلهو بترانيمها؟
أما
قال الله: ِإنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ
ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ
يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ.
أما حذّرنا الله من الظلم والعدوان، وتجاوز الحد والطغيان،
أما قال ذلك الله، إنه الله، إيه والله، إنه الله
فهل يتحدى الإنسان الله، آلله أكبر أما يشركون...
أليس الكون لله؟ أليس الملك لله؟ ألسنا من مخلوقات الله؟
فلم
الخضوع لغير الله، ولم الشرك بالله، ولم السجود والخنوع للبشر، ولم
الاقتراب من تعاليم غير الله تعالى، أإله مع الله، أرب يخضع له غير الله...
كَلَّا
لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ
خَاطِئَةٍ فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ كَلَّا لَا
تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ.
عذرا للمظلومين في الأرض...
إن الله قريب منا ومنكم، والمسلمون لحمة واحدة، وحق لنا أن نشارككم اليوم، بالابتهال إلى ربنا وربكم، خالقنا وخالقكم ...
اللهم يا قوي يا عزيز، يا جبار يا منتقم، يا إله يا خالق
الله انصر إخواننا المظلومين في كل مكان
اللهم فرج همهم، وأزل كربتهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم يا رب العالمين
اللهم فرج همهم، وأزل كربتهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم يا أرحم الراحمين
اللهم فرج همهم، وأزل كربتهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم يا رب المستضعفين
إلهنا أفرغ عليهم صبرا، وثبت أقدامهم، وانصرهم على القوم الكافرين.
إلهنا
حرّمت الظلم بين العباد، فارفعه عنا وعن سائر المسلمين في البلاد، وكف
أيدي الظالمين عن عبادك المخلصين، والحمد لله رب العالمين.
الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّ
فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ
طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ
إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ
اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ
الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ
وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ
أيها المؤمنون:
الظلم لا يدوم، والظالم نهايته وخيمة، والظلم ظلمات يوم القيامة
الظلم من أكبر المعاصي والذنوب، وأجل الجرائم والفجور، وهو أساس البلاء والعذاب ....
فلنحذر عباد الله من الظلم ولو دق، ومن أنواعه ولو صغرت...
ولنتعاون جميعا في رفعه، وإنزال العدل محله....
وللظلم أنواع وطرق، وكلها طريق إلى سخط الرب...
ومن أعظم أنواع الظلم، الشرك بالله تعالى، وتقديم طاعة الأسياد والمخلوقين، على طاعة رب السماوات والكائنات....
ومن الظلم ظلم النفس بالمعاصي والذنوب، وظلمها بالجهل وعدم المعرفة...
ومن الظلم ظلم الوالدين بالعقوق، والأرحام بالقطيعة، والجيران بالإساءة، والمجالس بالغيبة والنميمة...
ومن الظلم ظلم الأولاد بسوء التنشئة، وظلم الزوجة بالإساءة في المعاشرة...
ومن أعظم الظلم الخيانة في العمل والأمانة، وإبدالها بالكذب والرشوة، وأكل أموال الناس بالباطل.
ومن الظلم السكوت عن الظلم، والرضا بالمنكر، وإشاعة الفاحشة، وعدم نصرة المظلوم...
ومن
الظلم المنتشر عدم إعطاء الأجير حقه، أو التقليل منه لغير سبب، والإساءاة
إلى عاملات المنازل، وهتك أعراضهن، بجانب سوء توزيع الثروة.
ومن الظلم منع الناس أن يطلبوا حقوقهم، ويعبروا عن مطالبهم بالطرق السلمية، بدون تخريب ولا إفساد
فاتقوا
الله عباد الله وتعاونوا على إنزال العدل وإحقاق الحق، واجعلوا شعار
أنبيائكم نصب أعينكم، وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا
أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ
وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ
أُنِيبُ
فالظلم ظلمات
الظلم ظلمات في الدنيا
الظلم ظلمات في الآخرة
اللهم ارفع عنا الظلم، وأنزل فينا العدل
اللهم اجعلنا في الخير سباقين، وللعدل قائمين، وعن الظلم مجتنبين.
اللهم انصر الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين
اللهم أعز سلطانا، وأيده بالحق، وأيد به الحق