كتب جورج الثاني
ملك انجلترا و الغال فرنسا - السويد - النرويج رسالة الي خليفه المسلمين في الاندلس هشام الثالث قال فيها :
صاحب العظمة هشام الثالث الجليل المقام ... بعد التعظيم والتوقير . فقد سمعنا عن الرقي الذي تتمتع بفيضه الصافي
معاهد العلم والصناعات في بلادكم العامره ؛ فأردنا لأبنائنا اقتباس نماذج
هذه الفضائل لتكون بداية حسنة في اقتفاء أثركم لنشر انوار العلم في بلادنا
التي يجتاحها الجهل من أركانها الاربعة ؛ وقد وضعنا ابنة شقيقنا الاميرة
دوبانت على رأس بعثة من بنات الانجليز لتتشرف بلثم أهداب العرش والتماس
العطف ؛ ولتكن مع زميلاتها موضع عناية عظمتكم و حماية الحاشيه الكريمة و
حدب من لدن اللواتي يتوفرن على تعليمهن ؛ وقد أرفقت مع الاميرة الصغيرة
هدية متواضعة لمقامكم الجليل ؛ أرجو التكرم بقبولها مع التعظيم والحب
الخالص ..........
خادمكم :
جورج الثاني .
.
.
.. || مـــقـــدمـــة || .. لتكن عزيزي على دراية بأن الايام دول تورث بين الناس فاليوم لك و غداً عليك
و العبرة تؤخذ من التاريخ و للتاريخ ثلاثة وجوه وجهة نظرك و وجهة نظر
الطرف الآخر و الحقيقة .
الا في هذا الموضوع فقد اتفق التاريخ على أن حضارة العرب في الأندلس كانت منارة لكل طالب علم و لكل باحث عن
فردوس الأرض ومع تراكم الاحداث التي تسيء للاسلام بشكل متكرر هذه الايام ويقف العرب
صفاً صامتاً بِلا حراك ، فهذه غزة تغتصب كل يوم من أنجس مخلوقات الله ..
وهذا رسولنا الكريم يُهان في صحافة الدنمارك ، ونحن ركود لا نفعل أي شيء
حتى الدعاء البعض منا ينساه تماماً ..
فعلاً لم نقدم شيء يذكر للتاريخ .. لهذه الدنيا .. للاسلام .. لأنفسنا ..
هل لأننا ولدنا في زمن السرعة !! أو أن الإنسان ولد في مجتمع مسالم تعود
على الحياة العلمانية المجردة من الإسلام والتي لا تحارب أعداء الله أبداً
بل تساندهم .. لا يوجد لدينا أعذار أمام الله نتحجج بها يوم القيامة إن
سُئلنا عن صمتنا وسكوتنا وولادتنا وموتنا والدنيا لا تدري ..
رُب شخصٍ غير مسلم كان أفضل من مسلم ولنذكر على سبيل المثال العالم
أنيشتاين ، هذا الشخص خُلد اسمه في الكتب العلمية باكتشافاته التي افادت العالم
كثيراً .. ولد على هذه الدنيا وقدم لها ما تستحق ، اما نحن فلم نقدم لها
شيء !! وديننا الذي يطالبنا بالتقديم لم نقم بأي ردة فعل إيجابية حقيقية !!
ما يستدعي الفرد لذكر مثل هذه الأحداث والأقاويل ما يرتبط بهِ موضوعنا لهذا
اليوم .. والذي يتحدث عن تجسيد المسلمين لأسمى أمثله التعاون والترابط
والتفادي في سبيل نشر الرسالة الإسلامية وكيف أنهم استطاعوا الوصول
لمنتصفات الأراضي الاوربية لنشر الرسالة الإسلامية .. البعض منهم اتخذ
لسانه سلاحاً في سبيل الدفاع و الآخر اكاتيبه .. لكننا نتحدث عن اناس كانت
اسلحتهم ارواحهم وسيوفهم التي وقفت في وجه عدو الله ومن عاداه ..
اتمنى ان تكون معلومات و قصص ذات عبرة
.
.
.
.
.. || فـهـرس الـمـوضـوع || .. حتى تكون عزيزي القارئ على بينه فيما ستقرأ .. وتسهيلاً لمعرفة محتويات الموضوع .. هذا الفهرس الذي يرتب لك الاحداث والمحتويات ..
1\ بداية فتح الأندلس .. 2\ التوسع الإسلامي في الاندلس ..
3\ عبدالرحمن الغافقي " من هو ؟ " .. 4\ معركة بلاط الشهداء ..
5\ عصر الولاة الى نهايته .. 6\ عهد الدولة الاموية في الأندلس ..
7\ عهد دويلات الطوائف في الأندلس .. 8\ عهد المرابطين في الأندلس ..
9\ عهد الموحدين في الأندلس .. 10 \ نهاية الأندلس و سقوط غرناطة ..
.
.
.
.
.. || فتوحات الإسلام تصل الأندلس || ..
طارق بن زياد و حرق السفن «(أيها الناس، أين المفر؟ البحر من ورائكم، والعدو أمامكم، وليس لكم والله
إلا الصدق والصبر، واعلموا أنكم في هذه الجزيرة أضيع من الأيتام في مأدبة
اللئام، وقد استقبلكم عدوكم بجيشه وأسلحته، وأقواته موفورة، وأنتم لا وزر
لكم إلا سيوفكم، ولا أقوات إلا ما تستخلصونه من أيدي عدوكم، وإن امتدت بكم
الأيام على افتقاركم، ولم تنجزوا لكم أمرًا ذهبت ريحكم، وتعوَّضت القلوب من
رعبها منكم الجراءة عليكم، فادفعوا عن أنفسكم خذلان هذه العاقبة من أمركم
بمناجزة هذا الطاغية (يقصد لذريق) فقد ألقت به إليكم مدينته الحصينة، وإن
انتهاز الفرصة فيه لممكن، إن سمحتم لأنفسكم بالموت.
وإني لم أحذركم أمرًا أنا عنه بنجوة، ولا حَمَلْتُكُمْ على خطة أرخص متاع
فيها النفوس إلا وأنا أبدأ بنفسي، واعلموا أنكم إن صبرتم على الأشقِّ
قليلاً، استمتعتم بالأرفَهِ الألذِّ طويلاً، فلا ترغبوا بأنفسكم عن نفسي،
فما حظكم فيه بأوفى من حظي".»
طارق بن زياد قبل المعركة بعد انتهاء خلافة الخلفاء الراشدين .. اتت الدولة الأموية والتي اشتهرت
بالمواصلة على نهج الخلفاء الراشدين في الحكم والدين و الاستمرار على
الفتوحات الاسلامية للدول الغير مسلمة ، وفي عهد الملك الوليد بن عبد الملك
سار جيش اسلامي كبير بقيادة طارق بن زياد وهذه المرة لفتح دولة اوروبية
جديدة كانت تسمى
أيبيريا .. وبعد قيام الدولة الاسلامية عليها اسسوا عليها دولتهم او ما تعرف بـ"
الأندلس " .
الآمر على الجيش كان
موسى بن نصير .. لكن القائد الفعلي والذي سار به هو طارق بن زياد وكان ذالك عام
30 ابريل 711 ، و مروا من بلاد المغرب ومن مضيق وهو اول من مر به لذالك سُمي بمضيق جبل طارق .. ثم استطاع الإنتصار على
القوط الغربيين وقتل ملكهم
لذريق في معركة
جواداليتي في 19 يوليو 711.أو معركة وادى لكة في 28 رمضان 92 هجرى بحلول عام 718
أستولى المسلمون على معظم أيبريا عدا جيب صغير في الركن الشمالي الغربي ،
وايبيريا هي شبه جزيرة حيث اسس فيها المسلمون دولتهم المعروفة بـ " الاندلس
" .
ولم يكتف المسلمون بهذا القدر من ايبيريا .. بل صالوا و جالوا في البلاد
الاوربية وذهبوا للركن المتبقى من شبه جزيرة ايبيريا وهو الركن الشمالي
ليصلوا الى فرنسا وغرب سويسرا الا ان جيش المسلمين خسروا هناك (( سيتم
التفصيل لاحقاً )) ، الا ان المسلمين في اوروبا اكتفوا بالاندلس التي تم
السيطرة عليها كُلياً في ثلاث سنوات وقامت فيها ولايات كثيرة اسلامية .
.
.
.. || التوسع الإسلامي في الأندلس || ..
قصر الحمراء من آثار المسلمين في الأندلس . ما لبث المغرب بعد أن تم فتحه على يدى موسى بن نصير .. أن أصبح جسرًا عبره
المسلمون .. تحت إمرة القائد العظيمـ طارق بن زياد إلى شواطىء إسبانيا ،
وتمـ التقاء جيوش المسلمين فى وادى لكة بجيوش لذريق .. وانتصر المسلمون
اتتصارًا رائعاً .. ثم جاء موسى إلى الأندلس .. والتقيا القائدان المسلمان
، وتعاونا على فتح المنطقة الشمالية من شبه الجزيرة ففتحا طليطلة و سرقسطة
.. وخطر على بال موسى وهو يشرف على فرنسا أن يقتحم بلاد الفرنجة حتى يصل
إلى دار الخلافة بـ دمشق إلا أن الوليد بن عبد الملك كان قلق على المسلمين ،
وأرسل إلى موسى وطارق يستقدمهما ، واستخلف القائد موسى ولاية الأندلس ابنه
.. واختار له إشبيلية كـ قاعدة لحكمه .. ثم تولى عبدالعزيز الأندلس فـ
ضبط سلطانها ، وسد ثغورها ، وافتتح فى ولايته بعض المدن التى لم يتم فتحها
فى عهد أبيه ، و يعد عبد العزيز بن موسى من خيرة ولاة المسلمين إلا أن مدة
حكمه لم تطل إذ قتل سنة في 716 على يد رجل من بلي قضاعة ..
وتعاقب على ولاية الأندلس بعد عبدالعزيز ولاة كثيرون , حتى وصل عددهم
سبعة عشر والياً من قبل أمير إفريقية ، وذلك فى ستة وأربعين عامًا ! ..
أولهم
أيوب من حبيب اللخمى الذى نقل حاضرة الأندلس من إشبيلية إلى
قرطبة ! .. و يدلنا هذا العدد الكبير من الولاة على أن البلاد أصبحت مسرحًا
للفتن والاضطرابات والمشاكل الكثيرة ، وعلى الرغم من هذه الامور و الصراع
القبلى الذى انبعث بين الولاة .. فقد فكّر بعض هؤلاء إلى غزو فرنسا ! ..
ومنهم
الحر بن عبد الرحمن الثقفي .. (100 - 102هـ ) ، حيث استشهد هذا الأخير غازياً بأرض الفرنجة .. سنة (103هـ) .. ثم تولى الأندلس
السمح بن مالك الخولاني..
سنة (103هـ ) ، وغزا الفرنجة وتوغل لـ مساحات كبيرة فى بلادهم ! .. واستمر
فى تقدمه حتى فتح تولوز فرنسا إلا أنه استشهد هذا الأخير عام (107هـ ) ..
وتتابع الولاة فى الأندلس حتى تولى COLOR="red"]عبد الرحمن بن عبد الله
الغافقى[/color] الأندلس سنة (113هـ ) .. وغزا الفرنجة ، وكانت له معهم
وقائع كثيرة ، انتصر فيها عليهم فى بوردو عند مصب نهر الجارون ، فـ استنجد
بـ سرعة دوق إكيتانيا بأمير القصر فى الدولة الميروفنجية ، فـ لبى نداءه
ليتعاونا على وقف تقدم العرب داخل الأراضى الفرنسية ، وهزما المسلمين هزيمة
شنيعة سنة (114هـ ) فى منطقة تقع بين مدينتى
تور و بواتييه .. وعرفت الموقعة بـ
بلاط الشهداء لكثرة من استشهد فيها من المسلمين .. وقد فككت هذه الهزيمة فى عضد
المسلمين .. وأوقفتهم عند البرتات التى أصبحت منذ ذلك الحين حداً لم
يتجاوزه احد بعد ذلك .
.
.
.
.
.. || عبدالرحمن بن عبدالله الغافقي || .. هو عبد الرحمن بن عبد الله بن بشر بن الصارم الغافقى ، سمي بـ هذا الاسمـ نسبة لـ
غافق بـ اليمن ، كان من كبار القادة ، وكان من الغُزاة المستبسلين دائماً .. ولد عبد
الرحمن الغافقى فى القرن الأول الهجرى .. ورحل إلى إفريقيا ، ثم
وفد على سليمان بن عبد الملك الأموى فى دمشق .. وعاد إلى المغرب مرة اخرى واتصل بـ
موسى بن نصير ، و ولده عبد العزيز أيام إقامتهما فى الأندلس ، ثم وَلِى قيادة الشاطئ الشرقى من الأندلس ..
وبعد مقتل السمح بن مالك سنة (102هـ )، انتقل إلى ناربون.. وانتخبه
المسلمون فيها أميرًا وأقرَّه وَالِى لـ إفريقيا ، وقد نشب خلاف بينه وبين
أحد القادة يسمى
عنبسة بن كليم الكلبي .. الذى
تولى القيادة مكان عبد الرحمن ، فـ صبر مدة يغزو فيها مع الغزاة بـ شكل
مستمر إلى أن ولاّه هشام بن عبد الملك إمارة الأندلس سنة
(112هـ ) .. وتأهب عبد الرحمن الغافقى لفتح بلاد الغال المعروفة بـ اسم فرنسا الآن
أوائل سنة (114هـ ) ، حيث دعا العرب من المغرب .. وإفريقيا لمناصرته ..
فأقبلت عليه الجماهير و اجتاز بهم جبال البرانس ، .. و استولى على مدينة
ليون .. فاصطدم بجيوش
شارل مارتل حاكم أوستراسيا ، فـ قام شارل مارتل بـ جمع جيش كبير من الغاليين ، والجرمانيين ، فـ نشبت حرب دامية بينهما فى "
بواتيه" بالقرب من نهر اللوار ، استشهد فيها عبد الرحمن الغافقى ! ، وكان ذلك فى 15من شعبان سنة (114هـ ) .. وسميت هذه المعركة "
بلاط الشهداء " .. لكثرة عدد من استشهد فيها من المسلمين .
وكان لـ عبدالرحمن مواقف عديدة كـ : -
-
جزاء الخيانة . - رهبان الليل فرسان النهار . .
.
.
.
.. || معركة بلاط الشهداء || .. اسم المعركة :
بلاط الشهداء . أطرافها : "المسلمون" بقيادة
عبدالرحمن الغافقى .. و"الفرنجة"
بقيادة شارل مارتل .
المكان : مدينة
بواتييه .. فى جنوب فرنسا .. وكان تعداد جيش المسلمين سبعين ألفاً ! .
الزمان: عام (114هـ ) فى خلافة "
هشام بن عبدالملك" .
سبب المعركة : بـ سبب تقدم عبدالرحمن الغافقى وانتصاراته الكبيرة بـ فرنسا جمع الفرنجة جيوشاً كثيرة العدد بقيادة "
شارل مارتل"
.. لـ مواجهة تقدم المسلمين الذى أثار خوف المسيحيين فى كل أنحاء أوروبا ،
فـ قد تقدم عبدالرحمن الغافقى فى فرنسا حتى وصل إلى بلدة تور الشهيرة
Tours على مسيرة سبعين كيلو مترًا من باريس جنوب نهر السين ، ويقر جوستاف لوبون
أن هذه المساحة تساوى نصف فرنسا الحالية ! .. مما أثار رعب أصحاب الإقطاع
بـ فرنسا .
المعركة : بعد مناوشات دامت ثمانية أيام بدأت المعركة وكان أكثر جنود
الفرنجة عراة وجرت معارك ضارية بين الخصمين ، وسقط عبد الرحمن الغافقى
شهيداً وسط المعركة وبسبب ذلك اختلفت كلمة رؤساء الجند ، وحدثت اضطرابات
عديدة فى صفوف المسلمين فـ سقط عدد كبير منهم شهداء فى هذه المعركة ..
ولذلك سميت بـ "
بلاط الشهداء" .. ويعد السبب
المباشر لهزيمة المسلمين فى "بلاط الشهداء" .. هو الغنائم طبعاً وهى نقطة
الضعف التى عرفها العدو .. فـ المراجع التاريخية متفقة على أن الجيش
الإسلامى كان يجر قوافلاً محملة بالغنائم التى كسبوها أثناء تقدمهم في
فرنسا ، وكان حرص الجنود على هذه الغنائم هو العامل الرئيسى فى هزيمتهم بعد
أن حققوا انتصارًا كبيرًا على جيش الفرنجة فى بداية المعركة .. حيث لمس
العدو نقطة الضعف هذه فـ اندفعت فرقة منه خلف صفوف المسلمين فى اتجاه
الغنائم فاضطربت صفوفهم خوفاً عليها وحاول عبد الرحمن أن يلم شمل جيشه و
يعيد النظام فـ لم يوفق وأصابه سهم أسقطه شهيدًا! .
النتيجة : انسحب المسلمون ليلاً دون علم الفرنجة ، ولكن هذا الانسحاب لم
يوقف تقدم المسلمين فعادوا مرة أخرى واستولوا على بعض المناطق .
نرى هنا ان المسلمين لم يأخذوا الدرس من غزوة احد ..
.
.
.
|| .. عــهــد الــــولاة .. || بعد إنتهاء عهد الفتح السابق , يبدأ عهد جديد للأندلس يعرف بـ عهد الولاة (
95 - 138 هـ ) ,
وسمي عهـد الولاة بهذا الأسم لأن حكم الأندلس في هذه الفترة كان يتولاه رجل يتبع الحاكم العام
للمسلمين وهو الخليفة الأموي الموجود في بلاد الشـام .
وكان أول الولاة على الأندلس هو
عبد العزيز بن موسى بن نصير و ذلك بأمر من ســــليمان بن
. عبد الملك رحمه الله، وكان كأبيه في جهاده وتقواه وورعه، كان يقول عنـه أبوه موســــــى بن
نصير : عرفته صوّاما قوّاما
وقد حكم الأندلس ووطّد فيها الأركان بشدة، وتوالى من بعده الولاة , لتكون سلسلة متتابعـــــــة
من الولاة فإذا نظرنا إلى هذا العهد نرى انه استمر اثنين وأربعين عامًا و قد تعاقب فيها اثنان
وعشرون واليًا أو عشرون واليًا تولى اثنان منهم مرتين .
لكي يصبح مجموع فترات حكم الأندلس
اثنين وعشرين فترة خلال اثنتين وأربعين سنة، أي أن
كل والٍ حكم سنتين أو ثلاث سنوات فقط , وهذا التعداد والتعدد وعدم الإســـــــتقرار كان عاملاً
رئيسياً في ضعف الدولة .
ونستطيع أن نقسّم عهد الولاة بحسب طريقة الإدارة وطريقة الحكم إلى فترتين رئيسيتين :-
الفترة الأولى :
فترة الجهاد والفتوح وعظمة للإسلام والمسلمين ( 95 - 123 هـ ) . الفترة الثانية :
فترة ضعف ومؤامرات ومكائد وما إلى ذلك ( 123 - 138 هـ ) .
.
.
.
.
.
.
الفترة الأولى :
فترة الجهاد والفتوح وعظمة للإسلام والمسلمين ( 95 - 123 هـ ) . تميزت هذه الفترة بعدة أمور منهـا :
#
نشر الإسلام في بلاد الأندلس . # إلغاء الطبقية ونشر الحرية العقائدية.
#
نشأة جيل المولّدين . # الاهتمام بالحضارة المادية.
#
تقليد الأسبان للمسلمين في كل شيء. # اتخاذ المسلمين قُرْطُبَة عاصمة لهم.
#
الجهاد في فرنسا. لكي تكون هذه الفترة سبب لـ عظمة المسلميـن وقوتهم ونشرهم للأسلام وتعاليمه وتطــــــــبيق
الشريعة الحنيفة , وتكوين حضارة راقيـة متعلمـة أفادة الملسميـن وغيرهم فيما بعد من فترات.
.
.
الفترة الثانية :
فترة ضعف ومؤامرات ومكائد وما إلى ذلك ( 123 - 138 هـ ) . تميزت هذه الفترة بعدة أمور منهـا :
#
حب الدنيا . # تفاقم العنصرية والقبلية .
#
ظلم الولاة . # ترك الجهاد .
لكي تكون هذه الفترة بعكس الفترة الأولى إطلاقاً فحيث الإبتعاد عن الديـن الإسلامي , ومتطلباته
من تأدية واجب الجهاد وغيره , وتسلط الولاة على الشعب وظلمهم وأزدياد حب الذات والبــعد
عن الأخوية الإسلامية كما كانت , والتفككـ و زيادة العنصرية والعياذ بالله .
.
.
.
.
..|| مؤسس الدولة الأموية || .. .. {{ عبدالرحمن الداخل }} .. هو عبدالرحمن بن معاوية بن هشام بن عبدالملك بن مروان الأموى، المُلقّب
بصقر قريش ويعرف بالداخل لأنه أول من دخل الأندلس من ملوك الأمويين . ولد
عبدالرحمن فى دمشق، ونشأ يتيمًا، حيث مات أبوه وهو صغير فتربَّى فى بيت
الخلافة. ولمَّا انقرض مُلك الأمويين فى الشام و تعقَّب العباسيون رجالهم
بالفتك، والأسر أفلت عبد الرحمن، وأقام فى قرية على الفرات إلى أن انتقل
إلى الأندلس سنة
(138هـ). وقد تجمَّع الأمويون فى الأندلس حول عبدالرحمن و خاض بهم المعارك ضد أعدائه ودخل قرطبة واستقرَّ بها وبنى فيها قصرًا، وعدة مساجد.
وحينما اطمئن له أهل الأندلس أعلن استقلال إمارته وقطَع خطبة العباسيين و
الدعاء لهم على المنابر. ولصمود عبد الرحمن أمام العقبات التى اقتحمت طريقه
لقّبه الخليفة المنصور
(صقر قريش). و قال عنه ابن الأثير : إنه كان
حازمًا
سريع النهضة فى طلب الخارجين عليه لا يخلد إلى راحة ولا يَكِلَ الأمور إلى
غيره ولا ينفرد برأيه، شجاعًا، مقدامًا شديد الحذر، سخيًا، لَسِنًا،
شاعرًا عالمًا، يُقاس بابو جعفر المنصور فى حزمه و شدته وضبطه الملك. و توفي عبدالرحمن الداخل فى قرطبة سنة (172هـ) ودفن بقصرها.
.
.
تمكن عبد الرحمن بن معاوية -عبد الرحمن الداخل- أن يفلت من قبضة العباسيين
بعد ان استولوا على الحكم من الامويين، فهرب إلى أخواله فى الشمال
الإفريقى، وأقام عندهم فترة من الزمن، ثم فكر فى دخول الأندلس ليبعد عن
العباسيين، فراسل الأمويين بالأندلس، ولما أحس ببعض الاطمئنان قفز إلى هناك
عام (138هـ) ؛ فتجمع حوله الأمويون ومن تبعهم ممن يكرهون والي العباسيين
فى الأندلس
يوسف الفهرى . فكوَّن عبد الرحمن الداخل من هؤلاء جيشًا كبيرًا، ثم اتجه به نحو قرطبة، فتقابل مع جيش الفهرى فى موقعة عرفت باسم
«المصارة» انتهت بهزيمة الفهرى وقتله ودانت الأندلس كلها بعد ذلك لعبد الرحمن الداخل
. ويعد هذا التاريخ (138هـ) بداية الدولة الأموية فى الأندلس والتى استمرت
حتى عام
(422هـ). و لقد واجه عبد الرحمن الداخل
عقبات وتحديات كثيرة من أجل توطيد الحكم الأموى بالأندلس، وخاض فترة الصراع
مع دولة الخلافة العباسية وذيولها وبعض الطامحين إلى الحكم. فلقد شجع
العباسيون واليهم على إفريقية
العلاء بن المغيث على إخضاع الأندلس والقضاء على عبد الرحمن الداخل، فاستجاب العلاء وعبر
البحر إلى الأندلس سنة (146هـ)؛ ولكنه منى بهزيمة ساحقة على يد عبد الرحمن
الداخل . وإلى جانب ذلك اشترك بعض العرب الساخطين على الداخل فى مؤامرة
دنيئة مع الزعيم
النصرانى شارلمان ضد عبد الرحمن
الداخل، ولكن أهل مدينة سرقسطة قاموا بمواجهة هؤلاء العرب الخائنين فباءت
مؤامرتهم بالفشل؛ ولصمود الأمير الأموى عبد الرحمن الداخل أمام العقبات
التى اعترضت طريقه أعجب به الخليفة المنصور ولقبه بـ «صقر قريش».
واستقر الأمر فى الأندلس فى النهاية إلى الأمويين، واستمرت الدولة الأموية حتى عام (422هـ)، مرت خلالها الدولة بفترات قوة وضعف.
.
.
.. {{ خلفاء بني أمية حسب الترتيب }} .. 1- عبد الرحمن الداخل (138هـ).
2- هشام الأول بن عبد الرحمن (172هـ). 3- الحكم بن هشام (180هـ).
4- عبد الرحمن الأوسط بن هشام (206هـ). 5- محمد بن عبد الرحمن (238هـ).
6- المنذر بن محمد (273هـ). 7- عبد الله بن محمد (275هـ).
8- عبد الرحمن الناصر بن محمد (350هـ). 9- الحكم بن عبد الرحمن (366هـ). 10- هشام الثانى بن الحكم (366- 399هـ).
.
.
..|| الفترة الذهبية || .. اما الفتره التي كانت من ازها فترات الدوله الامويه فـ كانت فترة حكم
عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد (عبد الرحمن الناصر) الذى حكم من عام (
300هـ- 350هـ)،
فأثبت أنه أكفأ الحكام، وأحرز نجاحًا تامًا فى ميدان السياسة والحضارة.
وكانت قرطبة فى عهده تنار بالمصابيح ليلًا ويستضىء الماشى بسرجها (
16كم)
لا ينقطع عنه الضوء، وكانت مبلطة ومحاطة بالحدائق الغناء. وتذكر المصادر
المختلفة أن الحضارة الإسلامية فى الأندلس شملت عدة اتجاهات، وحوت أكثر
ألوان المعرفة أو كلها، ويقسمها بعض المؤرخين إلى قسمين: حضارة فكرية
وحضارة عمرانية.
نهاية الدوله الامويه في الاندلس كانت نهاية الدوله الامويه فكانت على يد
المنصور ابن ابي عامر والذي استفرد بالوصايه على الخليفه هشام ابن الحكم الثاني وذلك بسبب ان
هذا الخليفه لم يتجاوز عمره الـ 10 سنوات عندما تولى الحكم مما استوجب وضع
وصي عليه يقوم باعماله وبسبب تنازع الامويين على الوصايه على هذا الخليفه و
لدرء الفتنه التي حصلت بين الامويين اتفقوا على تعيين
المنصور ابن الحكم وقد لقب بالحاجب المنصور والذي بدوره استولى على الوصايه و مبعدها الحكم
وبهذا سقط الدوله الامويه في الاندلس وبدأ بعدها عصر من اسوء العصور التي
مرت على الاندلس وهو عصر دويلات الطوائف.
.
.
.
.
.. {{ ملوك الطوائف }} .. لما انهارت الخلافة الأموية بالأندلس في أوائل القرن الخامس الهجري، انقسمت
الأندلس إلى دويلات صغيرة، وإمارات مستقلة، وأعلن كل أمير نفسه ملكا،
ودخلت الأندلس في عصر جديد، عُرف باسم "
ملوك الطوائف"،
وهو اسم صادق في مسماه، دالّ على ما كانت تعانيه البلاد من تمزق وانحلال،
ولم يكن يربط بين ملوك دول الطوائف رباط المودة، أو عرى الصداقة، أو وشائج
المصلحة، وإنما نفخ الشيطان في روعهم؛ فهم في شقاق مستمر، يقاتل بعضهم
بعضا، ينتزع القوي منهم ما في يد الضعيف، يستنصرون بالنصارى، ويحالفونهم ضد
بعضهم دون وازع من دين أو ضمير .
وفي الوقت الذي تجري فيه أحوال ملوك الطوائف على هذا النحو من التفكك
والضياع، كانت النصرانية في شمال الأندلس يتّحد ملوكها، وتزداد الروابط
بينهم قوة ومتانة، ويجمعون أمرهم على هدف واحد، وتحقق لهم النصر في بعض
المواطن، لا عن قوة منهم وحسن إعداد، وإنما عن ضعف ألَمَّ بالمسلمين، وفرّق
كلمتهم، وكان يحكم أسبانيا في هذه الفترة ملك طموح عالي الهمة هو "ألفونسو
السادس" الذي نجح في توحيد مملكتي قشتالة وليون، وسيطر على الممالك
المسيحية الشمالية، وهدد ملوك الطوائف، وألقى الفزع في قلوبهم؛ فراحوا
يتوددون إليه، ويدفعون له الجزية عن يد وهم صاغرون .
_
_
..|| بنو عباد في إشبيلية || ..
قصر المعتمد بن عباد قامت دولة بني عباد في إشبيلية على يد
القاضي أبي القاسم محمد بن إسماعيل بن عباد، وكان
رجلا طموحا؛ فتطلعت أنظاره إلى جيرانه المسلمين، وانتزع ما في أيديهم،
فاشتبك أبو القاسم –ومن بعده ولده أبو عمرو عباد، الملقب بالمعتمد بالله
(433- 461هـ = 1041 – 1068م)- في سلسلة من الحروب الطاحنة مع أمراء غرناطة و
ملقة و قرطبة و إمارات ولاية الغرب، انتهت باستيلاء بني عباد على قرطبة
وقرمونة وإستجة ورندة وما حولها من الأراضي، وعلى لبلة و شلب و باجة في غرب
الأندلس، واتسعت بذلك
مملكة إشبيلية، وغدت أعظم قوة في جنوب الأندلس .
_
_
.. [[ المعتمد بن عباد ]] .. | This image has been resized. Click this bar to view the full image. The original image is sized 699x516. |
قبر المعتمد وزوجته الرميكية وابنهما في أغمات مراكش كان المعتمد بن عباد حين آل إليه حكم إشبيلية سنة (
461 هـ = 1068م)،
في الثلاثين من عمره، شابا فتيا، فارسا، شجاعا، شاعرا مجيدا، وأميرا
جوادا، ذا خِلال باهرة، يحب الأدب ومسامرة أهله؛ فاجتمع في بلاطه نجوم
ساطعة من أرباب و نوابغ القصيد من أمثال أبي بكر بن عمار،
و ابن زيدون، وابن اللبانة،
و ابن حمديس الصقلي، و كما كان المعتمد شاعرا مجيدا، كانت زوجته
اعتماد الرميكية شاعرة كذلك، تجمع إلى جمالها الفاتن البراعة في الشعر والأدب، وكانت
إشبيلية حاضرة دولته آية في الروعة والبهاء، تزدان بقصور بني عباد وقواده
وكبار رجال دولته .
غير أن المعتمد بن عباد سلك في سبيل تحقيق أطماعه وطموحاته مسلك أبيه وجده من ممالاة
ألفونسو السادس ملك قشتالة على حساب إخوانه المسلمين، ولم يجد في نفسه غضاضة، وهو يقوم بدفع الجزية للملك القشتالي .
_
_
.. {{ صحوة ملوك الطوائف }} .. شجعت مواقف ملوك الطوائف المخزية، و عدواتهم لبعضهم البعض، وأثرتهم، و غلبة مصالحهم الذاتية على مصالح أمتهم أن يقوم "
ألفونسو"
-وقد ملأ الزهو والإعجاب نفسه، واستهان بملوك المسلمين- بالتهام حواضر
الأندلس الأخرى؛ فراح يهدد سرقسطة وإشبيلية وبطليوس وغيرها، وأخذت قواته
تجتاح أراضي المسلمين، وتخرب مدنهم و مروجهم، واستيقظ ملوك الطوائف على
حقيقة مروعة و نهاية محتومة ما لم يتداركوا أمرهم، وتتحد كلمتهم على سواء؛
فسقوط طليطلة ليس عنهم ببعيد، وأدرك
المعتمد بن عباد أنه أشد ملوك الطوائف مسؤولية عما حدث ؛ فكان بمقدوره نجدة طليطلة، ومد يد
العون إليها، ولكنه لم يفعل؛ فقد غلَّتْ يدَه معاهدةٌ مخزية عقدها مع
ألفونسو ، بمقتضاها يتعهد ملك قشتالة بمعاونة المعتمد ضد جيرانه المسلمين،
وفي مقابل ذلك يتعهد المعتمد بأن يؤدي الجزية لملك قشتالة، وأن يطلق يده في
أعماله العسكرية ضد طليطلة، دون أن يتدخل لمساعدتها، ولما سقطت طليطلة بدأ
ألفونسو السادس -وكان لا اخلاق له- يشتد في مطالبه المالية، ويشتد في
معاملة المعتمد، ويتعمد إهانته؛ بل كاتبه بأن يسلم إليه بلاده وينذره بسوء
المصير، وقرن تهديده بالعمل؛ فاجتاحت قواته بلاد المعتمد بن عباد، وخربت
مدنها وقُراها .
_
_
.. || الاستعانة بالمرابطين || .. لم تكن قوى ملوك الطوائف تكفي لدفع خطر ألفونسو، وحماية أنفسهم من هجماته؛
فتطلعت أبصارهم إلى الضفة الغربية من البحر المتوسط؛ حيث دولة المرابطين،
وكانت دولة قوية، بسطت نفوذها بالمغرب، واشتهر سلطانها "
يوسف بن تاشفين"
بحبه للجهاد وإقامة حكومة على العدل ، وكان للمعتمد بن عباد يد طولى في
الاستعانة بالمرابطين في جهادهم ضد القشتاليين، بعد أن أبدى بعض ملوك
الطوائف تخوّفهم من أن يطمع المرابطون في بلادهم، وأظهروا ترددا في فكرة
الاستنصار بهم، وكادت الفتنة تستطير لولا أن أخمدها المعتمد بكلمته
المأثورة التي سادت في التاريخ: "
رعي الإبل خير من رعي الخنازير"؛ يريد بذلك أنه يفضل أن يكون أسيرا لدى أمير المرابطين يرعى إبله خير من أن يكون أسيرا لدى ملك قشتالة .
_
_
.. [[ معركة الزلاقة ]] ..
| This image has been resized. Click this bar to view the full image. The original image is sized 595x376. |
استجاب يوسف بن تاشفين لنداء أمراء الأندلس، فعبر إليهم بقوات ضخمة، وسارت
قوى الإسلام المتحدة إلى قتال ألفونسو الذي كان مشغولا بمحاربة
ابن هود أمير سرقسطة؛ فلما
علم بنبأ هذه الحشود ترك محاربة ابن هود، وجمع جندا من سائر الممالك
النصرانية للقاء الجيوش الإسلامية، والتقى الفريقان في سهل الزلاقة بالقرب
من بطليموس في معركة هائلة في (
12 من رجب 479هـ = 23 من أكتوبر 1086م)
ثبت فيها المسلمون، وأبلوا بلاء حسنا، وانتهت المعركة بانتصار عظيم، عُد
من أيام الإسلام المشهودة، وقتل معظم الجيش القشتالي، ومن نجا منهم وقع
أسيرا، وهرب ألفونسو بصعوبة بالغة في نفر قليل من رجاله جريحا ذليلا .
_
_
.. {{ سقوط دول الطوائف }} .. شاهد أمير المرابطين عند نزوله الأندلس ما عليه أمراؤها من فُرقة وتنابذ
وميل إلى اللهو والترف ورغبة في الدعة، وانصرافهم عن الجهاد والعمل الجاد،
وإهمال للرعية وتقاعس عن حماية الدين والوطن من خطر النصارى المتصاعد، فعزم
على إقالة هؤلاء الأمراء المترفين المنشغلين بأنفسهم عن مصالح أمتهم، وعزز
من هذه الرغبة فتاوى كبار الفقهاء من المغرب و الأندلس بوجوب خلع ملوك
الطوائف؛ حماية للدين و وقوفا ضد أطماع القشتاليين، وكان حجة الإسلام
أبو حامد الغزالي وأبو بكر الطرطوشي على رأس القائلين بهذه الفتوى .
عبر يوسف بن تاشفين بجيش ضخم إلى الأندلس للمرة الثالثة لهذا الغرض الذي عزم عليه في سنة (
483هـ 1090م)،
وكان قد عبر إليها قبل ذلك في سنة (481هـ = 1088م)، ولكنه لم يقم بغزوات
ذات شأن، وازداد سخطا لما بدا من تقصير أمراء الطوائف في نصرته، وفي هذه
المرة اتجه يوسف بن تاشفين إلى طليطلة، واجتاح في طريقه أراضي قشتالة دون
أن يتقدم أحد من ملوك الطوائف لنصرته بعد أن توجسوا منه خيفة، وأدركوا ما
عزم عليه، وكان أمير المرابطين يرغب في استعادة طليطلة، ولكنه لم يوفَّق
نظرا لمناعتها، وقوة أسوارها، فعاد إلى إشبيلية وفي نيته أن يستخلصها هي
وغيرها من مدن الأندلس وحواضرها، وازدادت عزيمته إصرارا على تنفيذ ما وقر
في قلبه بسبب ما ترامى إليه من عودة ملوك الطوائف إلى عقد اتفاقيات سرية مع
ملك قشتالة، يتعهدون فيها بالامتناع عن معاونة المرابطين، واستهل يوسف بن
تاشفين حملته الظافرة بالاستيلاء على غرناطة، ودخلها في (10 من رجب 483هـ =
سبتمبر 1090م)، وقبض على أميرها
عبد الملك بن ملكين، وبعث به سجينا إلى أغمات بالمغرب .
_
_
.. || سقوط إشبيليه || .. مئذنة الخيرالدا من آثار المسلمين في الأندلس . بعث أمير المرابطين بجيوشه لفتح مدن الأندلس واحدة بعد أخرى، وأرسل قائده الفاتح "
سيرين"
إلى إشبيلية لفتحها، وأدرك المعتمد أن معركته مع المرابطين هي معركة
وجوده؛ فتهيأ لها، واستعد، وتأهب للدفاع عن ملكه وسلطانه بكل ما أوتي من
قوة، واستعان بحليفه ألفونسو، فأعانه وأمده بجيش كبير، ولكن المرابطين
هزموه على مقربة من قرطبة، وامتنع المعتمد بن عباد بإشبيلية حاضرة مملكته .
وفي أثناء حصاره تساقطت مدن مملكته في أيدي المرابطين واحدة بعد أخرى؛ فسقطت قرطبة، وقُتل فيها "
الفتح بن المعتمد" مدافعا عنها، ثم سقطت رندة، وقُتل ولده "
يزيد الراضي بالله"
بعد أَسْرِه، وظل المعتمد يدافع عن حاضرته حتى اقتحم المرابطون إشبيلية
عَنوة، فخرج يقاتلهم عند باب قصره غير وَجِلٍ ولا هيَّاب، ولكن ذلك لم يدفع
عنه شيئا، ووقع أسيرا واستولى المرابطون على إشبيلية في (
22 من رجب 484 هـ= 7 من سبتمبر 1091م) .
_
_
.. [[ المعتمد بن عباد في المنفى ]] .. أمر قائد المرابطين بحمل المعتمد بن عباد وآل بيته إلى منفاهم بالمغرب،
وسارت بهم السفينة من إشبيلية في نهر الوادي الكبير في طريقها إلى المغرب،
وخرج الناس لتوديعهم محتشدين على ضفتي النهر، وقد ملأ الدمع أعينهم، وذابت
قلوبهم حسرة وألما على ملكهم الذي أدبرت عنه الدنيا؛ فخرج هو وأسرته على
هذه الصورة المخزية بعد الجاه والسلطان، وقد سجل الشاعر الأندلسي الكبير
ابن اللبانة هذا المشهد الحزين بقصيدة مبكية جاء فيها :
حان الوداعُ فضجّت كل صارخة
وصارخٍ من مُفداة ومن فادِي سارت سفائنُهم والنوْحُ يتبعها
كأنها إبل يحدو بها الحادي كم سال في الماء من دمعٍ وكم حملت
تلك القطائعُ من قطعاتِ أكبادِ وبعد أن وصلت السفينة إلى المغرب أقام المعتمد وأسرته أياما في طنجة، ثم
أُخذوا بعد ذلك إلى مكناسة، وقضوا هناك أشهرا قبل أن يرحلوا إلى منفاهم إلى
أغمات، وهي مدينة صغيرة تقع على مقربة من مراكش عاصمة دولة المرابطين،
وكان قد سبق المعتمد إلى هذا المنفى "عبد الله بن بلكين" أمير غرناطة .
وفي أغمات عاش المعتمد كاسف البال، كسير القلب، يُعامَل معاملة سيئة،
ويتجرع مرَّ الهوان، ليس بجانبه من يخفف عنه مأساته، ويطارحه الحديث؛ فتأنس
نفسه وتهدأ. ينظر إلى بناته الأقمار؛ فيشقيه أنهن يغزلن ليحصلن على القوت،
ولكنه كان يتجلد ويتذرع بالصبر، ويلجأ إلى شعره، فينفس عن نفسه بقصائد
مُشجية مؤثرة. تدخل عليه بناته السجن في يوم عيد، فلما رآهن في ثياب رثة،
تبدو عليهن آثار الفقر والفاقة؛ انسابت قريحته بشعر شجي حزين :
فيما مضى كنتَ بالأعياد مسرورا
فساءك العيدُ في أغمات مأسورًا ترى بناتك في الأطمارِ جائعة
يغزلْن للناس لا يملكْنَ قِطميرا برزْن نحوَك للتسليمِ خاشعةً
أبصارُهنَّ حسيراتٍ مكاسيرا يطأْنَ في الطين والأقدام حافية
كأنها لم تطأْ مسكا وكافورا و اشتدت وطأة الأَسْرِ على اعتماد الرميكية زوجة المعتمد، ولم تقوَ طويلا
على مغالبة المحنة؛ فتُوفيت قبل زوجها، ودُفنت بأغمات على مقربة من سجن
زوجها .
وطال أَسْر المعتمد وسجنه فبلغ نحو أربع سنوات حتى أنقذه الموت من هوان
السجن وذل السجان؛ فلقي ربه في (11 من شوال 488 هـ = 1095م) ودُفن إلى جانب
زوجته .